Skip to main content

الطائرات ليست رخيصة، ويمكن أن يؤدي أي حادث تتعرض له إلى تكبيد

ومن بين هذه النقابات؛ رابطة طياري الخطوط الجوية التي تمثل أكثر من 63 ألف طيار على مستوى العالم. ومن بين الأمثلة التي تؤكد النفوذ الكبير الذي تتمتع به هذه الرابطة، الدور الذي لعبته في الحيلولة دون تخفيض عدد أفراد طاقم قمرة القيادة في الطائرات.
إن التطورات التكنولوجية التي حدثت منذ ستينيات القرن الماضي، جعلت الحاجة تنتفي لوجود فرد ثالث في القمرة، يُعرف باسم مهندس الرحلة ويتولى مراقبة أجهزة الطائرة ومساعدة الطياريْن على اكتشاف المشكلات وإصلاحها. ومع أن شركات تصنيع الطائرات كانت قد بدأت بالفعل في تطوير طرز تعتمد على وجود فردين فقط في القمرة، فقد قاومت رابطة الطيارين الشروع في استخدام تلك الطرز، لأن ذلك سيؤدي حتما إلى تقلص عدد فرص العمل المتاحة لأعضائها.
وخاضت الرابطة صراعا طويلا لإجبار إدارات شركات الطيران، على منح "مهام ذات مغزى" لمهندسي الرحلات. ومن المرجح أن تتبع تلك الرابطة أساليب مماثلة، حال وصول تكنولوجيا رحلات الطيران دون طيار، إلى مرحلة النضج. وقد أعربت هذه الرابطة النقابية بالفعل عن معارضتها لإجراء أي خفض لعدد الطيارين، الذين يُستعان بهم في الرحلات الجوية.
وتحظى النقابات العمالية بحلفاء في حملتها ضد إسناد مهمة قيادة الطائرة إلى طيارين آليين، في ضوء أن هذه الخطوة لا تهدد وظائف العاملين في مجال الطيران بشكل مباشر وحدهم، بل يمتد خطرها إلى من يعملون في الأكاديميات التي تتولى تدريب الطيارين، والعاملين كذلك في الجامعات والكليات والمعاهد المُناط بها هذه المهمة أيضا. وتوظف كل هذه المؤسسات عشرات الآلاف من الأشخاص، سيصبحون جميعا مهددين في أرزاقهم، إذا ما بدأ تسيير رحلات طيران دون طيارين.
لا شك في أن الطائرات غالية الثمن بشدة. فتكلفة طائرة الركاب الصغيرة - التي لا تضم سوى ممر واحد بين صفين من المقاعد وتنتمي لطراز "بوينغ 737" - تصل إلى 100 مليون دولار على الأقل للواحدة منها. أما نظيرتها الأكبر، التي تضم ممرين وتنتمي لطراز "بوينغ 777"، فيفوق سعرها 300 مليون دولار.
وبرغم أن شركات الطيران تحصل على خصومات على أوامر شراء الطلبيات الكبيرة، فإن ذلك لا يمنع من أن تظل الفاتورة النهائية التي تدفعها ضخمة بالفعل. ففي عام 2011، أنفقت شركات الطيران الأمريكية أكثر من 30 مليار دولار لتطوير وتحديث أساطيلها. ورغم أن حوادث تحطم الطائرات نادرة، فإنها لا تزال تحدث، وهو ما يؤدي إلى إلحاق خسائر كبيرة بميزانيات شركات الطيران.
هنا يأتي دور قطاع التأمين، فالشركات العاملة في صناعة الطيران تشتري شهادات تأمين لتغطية الخسائر التي قد تلحق بها، إذا تضررت إحدى طائراتها أو تحطمت. وتوفر هذه الشهادات الحماية المالية للشركات حال رُفِعَتْ ضدها دعاوى قضائية مرتبطة بحدوث خسائر في الأرواح أو الممتلكات، بسبب وقوع حوادث.
ومن المستحيل تقريبا أن يعلم المرء حجم الأموال التي تدفعها شركات الطيران للحصول على تغطية تأمينية لخسائرها، فشركات التأمين تُبقي على أسعار خدماتها في هذا الشأن سرية، حفاظا على مزاياها التنافسية. لكن من المؤكد أن أقساط التأمين تكلف صناعة الطيران مليارات الدولارات سنويا، وهو ما يجعل تكاليف هذا الأمر تحديدا، عاملا رئيسيا لتحديد مدى الربح أو الخسارة المحتملة لكل من الشركات العاملة في هذا المجال.
وهكذا فمن الأسئلة المهمة التي تواجه مسألة تسيير طائرات ركاب دون طيار، مدى ما سيلحقه ذلك من تأثير على أقساط التأمين التي ستدفعها هذه الشركة أو تلك. الاعتقاد السائد يشير إلى أنه يفترض أن تتراجع قيمة المدفوعات الخاصة بتلك الأقساط، باعتبار أن الطائرات دون طيار - التي ستعمل باستخدام مجموعة من أجهزة الاستشعار والبرمجيات المتطورة - ستخلو من "المجرم" المتورط في غالبية حوادث الطيران، وهو الإنسان.
ويعني ذلك أنه إذا كانت تلك الحوادث نادرة الآن، فإنها ستصبح أكثر ندرة في عصر طائرات الركاب دون طيار، وهو ما يُنتظر أن يؤدي بدوره إلى تقلص قيمة المدفوعات لشركات التأمين. لكن الواقع قد يكون أكثر تعقيدا.
فشركات الطيران تعتمد حاليا بالفعل على التكنولوجيا بقدر هائل للغاية، بخلاف ما كان يحدث في الماضي. فلتأخذ عندك مثلا الطائرات من طراز "بوينغ 787 دريملاينر"، التي تنتشر أساطيلها في مختلف أنحاء العالم. فهذه الطائرات شديدة التطور؛ تعمل بواسطة ملايين الأوامر المشفرة. وكلما زادت هذه الأوامر؛ تعززت الخصائص التي توفر الأمان للرحلات الجوية، من قبيل أنظمة التنبؤ المسبق بالمطبات الهوائية، وأجهزة الاستشعار الذكية التي تحافظ على استقرار الطائرة بشكل آلي، حال انخفاض الضغط بداخلها.
غير أن استخدام المزيد من الأوامر المشفرة بغرض تعزيز مستوى الأمان، سيجلب معه كذلك نوعا مختلفا من المخاطر. ويعني ذلك أنه بدلا من أن يكون لدينا عامل الخطأ البشري كسبب محتمل لأي حوادث، سيصبح هناك - في هذه الحالة - عاملا من نوع مختلف قد يقود بدوره لوقوع مثل هذه الحوادث.
وفي عام 2015، حذرت جهات حكومية تتولى تنظيم قطاع الطيران المدني، من إمكانية حدوث أعطال في النظام الكهربائي الخاص بطائرات "دريملاينر"، وذلك بسبب خلل في البرمجيات لم يكتشفه المهندسون سلفا، قد يؤدي لـ "فقدان السيطرة على الطائرة".
وقد واجهت إيرباص مؤخرا مشكلات مماثلة مع طرازها الرئيسي في الوقت الراهن "إيه 350"، بعدما تبين أن الطائرات المنتمية لهذا الطراز، عرضة لمشكلات إلكترونية، قد تؤدي إلى أن تصبح في "وضع غير آمن"، وذلك بسبب عطب آخر في البرمجيات، فشل المهندسون في رصده وإصلاحه.
خطر آخر مرتبط بالبرمجيات، يتعلق بإمكانية تعرضها لعمليات اختراق وقرصنة. خاصة أن اختبار الأوامر المشفرة بحثا عن نقاط ضعف محتملة يزداد صعوبة، كلما زادت هذه الشفرات تعقيدا. ويفتح ذلك الباب أمام المتسللين والقراصنة الإلكترونيين لمحاولة استغلال الموقف.
وفي عام 2008، حذرت جهات تنظيمية حكومية في قطاع الطيران، من إمكانية نجاح ركاب الطائرات من طراز "دريملاينر" في اختراق نظام التحكم في الرحلة، عبر منظومة الترفيه الموجودة على متن الطائرة، وهو ما يجعل بوسعهم تجاهل أوامر الطيار وتجاوزها كذلك.
وبحسب وثيقة حكومية، يسمح تصميم هذه الطائرة بحدوث "أنواع جديدة من الاتصال بين الركاب وشبكات بيانات - كانت من قبل معزولة (عن التواصل) - وهي شبكات مرتبطة بأنظمة تؤدي وظائف يتطلبها التشغيل الآمن للطائرة". وفي الآونة الأخيرة، تمكن فريق من الخبراء والمحترفين في القرصنة الإلكترونية، من أن يخترق عن بعد طائرة من طراز "بوينغ 757" باستخدام موجات الراديو.
ومن المنتظر أن تتزايد هذه المخاطر حال تشغيل طائرات ركاب دون طيار. ففي هذه الحالة، سيصبح دور البرمجيات في التحكم في الطائرة مطلقا لا يوجد له كوابح، ما يجعل خطر المشكلات والأعطال التقنية والبرمجية يتفاقم بشدة.
كل ذلك لا يعني بطبيعة الحال أنه لن يتم التأمين على الرحلات التي تقوم بها مثل هذه الطائرات، لكن ما تكلفة ذلك؟ وهل توجد شركة طيران واحدة مستعدة لتحمل هذه التكلفة أو حتى قادرة عليها؟
يحصل الطيارون على جانب كبير من أرباح الشركات التي يعملون فيها. فمتوسط الدخل السنوي للطيار - صاحب الخبرة التي لا تقل عن خمس سنوات - يبدأ من 147 ألف دولار. بل إن الرقم قد يصل إلى قرابة 300 ألف دولار، بالنسبة للطيارين المخضرمين.
وتعكس هذه المبالغ الكبيرة حقيقة تواجه هذه الصناعة الحريصة على ترشيد التكاليف، ألا وهي أن هناك نقصا في المعروض من الطيارين، وأن تعلم قيادة الطائرة أمر مكلف وشاق في الوقت نفسه. وتؤدي عوامل مثل هذه، إلى رفع رواتب الطيارين بشكل كبير، ما يجعل حجمها الإجمالي عاملا حاسما في تحديد التكاليف التي تتكبدها شركات الطيران في بند العمالة وحده، وهو ذاك البند الذي يشكل - جنبا إلى جنب مع تكاليف الوقود - أحد أكبر أوجه الإنفاق لتلك الشركات.
وبطبيعة الحال، من المفترض أن يتغير هذا الوضع مع دخول طائرات ركاب دون طيار الخدمة. ويُقدّر مصرف "يو بي إس" السويسري قيمة المصروفات التي يمكن توفيرها سنويا، إذا خلت قمرة القيادة من العنصر البشري بـ 35 مليار دولار على الأقل. ومن شأن رقم مثل هذا، تعزيز أرباح صناعة تعاني بشدة في أغلب الأحيان لتحقيق مكاسب.
ويتساءل البعض عن أسباب عدم اللجوء إلى الحلول التكنولوجية للاستعاضة عن البشر في مجال الطيران المدني بهدف توفير النفقات، في ضوء ما هو معروف عن مزايا السير على الدرب في مجالات أخرى مثل الدفاع والطاقة وغيرهما.

Comments

Popular posts from this blog

清华大学校长陈吉宁或任新环保部长

中国政府正采取各种措施平息公众对空 气、土壤 和水污染不断加剧的怒气。有报道称,清华大学校长陈吉宁或将出任环保部长。 据香港《南华早报》周二报道,清华大学校长陈吉宁将接替周生贤担任环保部长,成为首个调任这一职务的非政府官员。 一旦被任命,这位学者将面临着重振环保部声誉的艰巨任务。在周生贤任内,尽管环保部全力应对雾霾、耕地污染、水污染等环境灾难,并试图控制不断扩大的局面,但仍遭到各界的强烈批评。 (中外对话有关周生贤担任环保部领导工作的分析,请参见《荒唐的环保“政绩”》和《中国环保十年:虎头蛇尾》) 《南华早报》援引一位与环保部关系密切的消息人士的话说:“陈吉宁不但要遏制进一步退化的环境,还必须改善周生贤治理下已严重受损的环保部形象。” 周生贤在2013年曾抱怨说,中国环保部成为 世界“四大尴尬部门”之一,但同时他也辩解称,这一局面是受政府职能交 叉重叠所累。 同年,无论在全国人大还是党的中央委员会全会上,周生贤在25个部长职位任命选举中获得的选票都是最少的。 今年3月的全国人大会议将通过对陈吉宁的任命,同时也将讨论中国的“十三五”规划。该规划旨在促进可持续发展,清除中国快速经济增长过程中留下的后遗症。 陈吉宁出生于中国东北地区的吉林省,曾就读于伦敦帝国理工学院,并获得环境科学与工程博士学位。 回国后,陈吉宁在学术界一帆风 顺,于2012年出 任中国最负盛名的学府之一——清华大学的校长。 上述《南华早报》提到的消息人士称:“过去这些年中,陈吉宁参与了大量咨询项目的工作并与环保部的许多官员相熟,这也是他有可能获得任命的一项优势。”

旱灾死亡人数超过其他灾害致死人数的总和

“从非洲向欧洲移民的社会和 政治影响 大家有目共睹,但不知诸位是否意识到这些移民全都来自干旱的地区?”巴布最近在与一些前往德国波恩报 道联合国气候峰会 的记者们交谈时曾经这样问他们。 巴布解释说,“大多数 人唯一的财产就是 土地,由于气候变化,人们的土地资源越来越贫瘠。每年旱灾导致的死亡人数都超过其他灾害的致 死人数总和。今年,非 洲之角有2500万人失去了赖以生存的基础。” 这个问题是可以解决的——每英亩土地的恢复成本仅不到300美元(1986人民 币)。巴布 表示,为满足日益增长的人口需求,恢复 土地势在必行。每年 需要新增四百万公顷(六千万亩)可耕土地。 而这些新增土地从哪 里来呢?唯一的解决 办法是恢复退化的土地。全球有20亿公顷的退化土地具备恢复潜力。据巴布的观点,只要恢复其 中3亿公顷的 土地就可以确保2050年之前的全球粮食供应安全,并且还 可以使二氧 化碳的排放缺口减少三分之一。 巴布表示,人们围绕气候变化的其他应对方法 展开了大量讨论,但却 “很少提到土壤荒漠化治理这个方法,原因就是这个方法的大部分成本是人工成本,而且也缺少大公司的参与。” “但是土地修复的确可以提高土壤的碳封存 能力,所以也开 始引起了一些关注。” 做好准备 巴布认为,在一个气候变化日益严 峻的时代,所有国家都 需要做好应对干旱的准备。目前,美国、澳大利亚、以色列三国已经建立了干旱防范系统。她说:“我们已经开始筹建干旱防范机制。” 该机制以 土地退化零增长 (LDN)基金的形式 ,计划到2018年初筹集3亿美元(19亿元人民币),规模仅次于可再生能源发展基金。巴布说,该基金与可再生能源基金的使用方式一样,以援助资金作为担保,开发符合银行 贷款条件的项目。 不可持续的耕作方式和气候变化每年导致1200万 公顷的土地遭到破坏 。巴布称,“我们希望每年恢复相同数量的耕地,争取在2030年达到土地退化零增长的目标。” 她发现,《防治荒漠化公约 》仅靠植树造 林项目防治荒漠化是不够的。该组织还有必要开展其他相关项目。 巴布解释说,“大多数人 唯一的财产就是土地 ,由于气候变化,人们的土地资源越来越贫瘠。每年旱灾导致的死亡人数都超过其他灾害的致死人数总和。今年,非洲之角有2500万人失去了赖以生存的基础。” 这个问题是可以解决的 ——每英亩土地的恢...

纪录片《岛屿与鲸鱼》导演访谈

这引发了动物权利活动者的怒火,而法罗人则声称食用鲸肉是他们文化认同的一个重要部分。在苏格兰导演迈克·戴伊3月新推出的纪录 片《岛屿与鲸鱼 》中,法罗群岛呈现出一幅更加复杂微妙的生活图景。这部片子讲述了一个挣扎在污染和气候变化全球影响最前线的小社区的故事,视野要广阔得多,也更令人神伤。 片子的主角帕尔·魏赫既是一位公共卫生教授,也是公共健康部门的领导。他发现海洋污染使鲸肉和鲸油中汞和其他化学物质的含量已经达到危险水平,已经不再适合人类食用。此后,他就一直努力制止法罗人食用鲸肉。 魏赫对孕妇及其子女的研究已经持续了三十年,结果表明汞和其他污染物对胎儿和儿童的大脑发育和免疫系统都有严重影响。他还发现食用鲸肉与帕金森病发 病率 增加存在关联。 海洋中的汞增加是煤炭和其他化石燃料燃烧造成的。有毒化学物质通过燃烧释放到空气中,然后又经降雨进入海洋。位于食物链顶端的巨头鲸体内的有毒化学物含量尤其高,这是因为汞是一种可以在生物体内累积的持久性有毒物质,被鱼类摄入后会沿着食物链向上传递。 对于有着数百年食用鲸鱼肉历史的法罗人来说,这是一个很难接受的信息。捕鲸和食鲸不仅为他们提供了食物,而且是社区生活的重要部分。 片子还记录了生态退化和全球海洋污染一点点地侵入这一原始海域,海鸟种群也随之凋零、食物链断裂。戴伊的拍摄工作进行了四年,捕捉到了无数惊人的瞬间:12个人用绳子将一个人倒吊在悬崖边缘,共同猎捕塘鹅;一个嶙峋的小海湾里,数百个男人站在没腰深的血水里用棒子打死鲸鱼;水手们若无其事地在浪尖上掠捕海鸟。 怀疑还是有的,因为之前已经有很多人拿着摄影机到那里,结果他们根本言行不一,很多内容都是站在反捕鲸的角度。法罗人非常好客,他们看到我们之前拍的片子,明白片子并未对他们的行为作出评判,而是让观众们自己来下结论。我们只是如实地将他们的生活呈现出来而已。岛上大部分人也认为捕鲸不会持续太 久了,因此他们非 常热衷于从一个更加中立的视角将这一活动记录下来。水手真的帮了大忙,因为他们也经历了我们在摄制过程中的重重磨练患难。